30 ألف زائر بالصحراء للتداوي في عز الصيف!


30 ألف زائر بالصحراء للتداوي في عز الصيف!




من يقُل إن السياحة بالصحراء خلال فصل الصيف مستحيلة أو إن التدفق عليها يقتصر على فصل الشتاء لقضاء أعياد رأس السنة فقط، فعليه أن يصحح مفاهيمه، نظرا لما تشهده المنطقة من انتشار للسياحة الطبية التي يمتد التوافد عليها في أوج فترات السنة حرا، اعتبارا من منتصف شهر جويلية وإلى غاية نهاية شهر أوت، حيث تستقبل مدن في الجنوب أعدادا معتبرة من الزوار، أغلبهم وافدون بنية التداوي بالرمال الحارة. وهي السياحة التي أعيد إحياؤها من جديد بعدما بدأت تترسم معالمها وتلقى رواجا بين مرضى الروماتيزم، وآلام العظام وغيرها من الأسقام التي عجز الطب الحديث عن إيجاد شفاء لها.

تتسابق العديد من العائلات الجزائرية في الفترة الحالية، للعثور على أماكن للكراء بجنوبنا الكبير، خاصة بالمدن التي تعرف التداوي ردما بالرمال الحارة، فلا يمكن للكثير منهم استقبال مواسم البرد التي هي على الأبواب دون أن يمروا على حفر “العرق” التي اعتادوا على إخراج سموم أجسادهم بداخلها من برد قديم أو مياه متجمعة بفقرات عظامهم أو حتى أولئك الذين يعانون من الربو والحساسية، الناتجة عن رطوبة المدن الشمالية ومنهم أصحاب المهن الصعبة التي يتعرضون لآلام بالظهر، فقدوا كل الأمل في الشفاء بالعيادات الطبية أو العلاج بالأدوية الصيدلانية.

سنتا كورونا ترفعان زوار الجنوب صيفا إلى 30 ألفا

ينتظر أن يصل عدد زوار منطقة الجنوب الغربي من الوطن، إلى 30 ألف زائر خلال صيف 2022 حسب ما أكده المكلف بالإعلام لدى الجمعية السياحية للترفيه والتبادل والتطور والبيئة ببشار، محمد دالي، في تصريح لـ”الشروق”، مؤكدا أن المنطقة المعنية باستقبال المرضى من أجل التداوي عبر الرمال الحارة عادة ما تسجل ما بين منتصف جويلية إلى غاية نهاية شهر أوت 10 آلاف زائر، ليرتفع العدد حسب تقديرات الجمعية إلى 30 ألف سائح، وذلك بعد توقف دام سنتين كاملتين لازمت فرض إجراءات المنع لمزاولة هذا النوع من الطب البديل، وهي المنطقة نفسها التي عرفت 40 ألف زائر خلال احتفالات عيد السنة الجديدة، معللا هذه القفزة من الزوار، إلى جائحة كورونا وآثارها على القدرة الشرائية للعائلات التي فضلت خصيصا قضاء عطلتها هذه السنة بداخل الوطن.

التداوي بالمجان.. وعرض المنازل للكراء

لا يختلف اثنان في أن آلام بعض الأمراض المستعصية، تدفع بصاحبها للبحث عن أي أمر يمكن له أن يخفف عنه ذلك، لاسيما ما يتعلق بالظهر والعمود الفقري والركب ..ويقول محدثنا في هذا الصدد، أن جمعيتهم تقوم بالترويج لهذا النوع من التداوي والذي يعود في الأصل إلى زمن الفراعنة –حسبه- حيث تتلقى الجمعية في هذا الإطار، طلبات من داخل وخارج الوطن وحتى من القنصليات والسفارات المعتمدة بالجزائر، لما التمسوه من شفاء بعض الأسقام أو التخفيف عن آلامهم، وأشار أن التداوي يكون بالمجان حيث لا يدفع المريض أي دينار سوى من أراد مكافئة أولئك الذين يقومون بالحفر كحق الأتعاب كل حسب مقدوره.

وبالمقابل تقضي العائلات المرافقة للمريض مدة العلاج، في سكنات تؤجرها.

هكذا يتم التداوي بالرمال وسكان الهضاب في المقدمة

يقول دالي، إن موقع اختيار الحفر يكون بجانب “العرق” مباشرة، والعرق –حسبه- هو ما يشبه موجة الرمال بعلو 200 متر، بدايته تكون من عين الصفراء وصولا إلى تيميمون على أن يختار موقع الحفر الذي يشارك فيه الكل بمن فيهم السكان في بداية أو أسفل الموجة، حيث يتم مباشرة النبش بالرمال في حدود الساعة السابعة صباحا حتى يضمن تعرض الحفرة لأشعة الشمس وبالتالي تسخينها على أن يدخل المريض في حدود منتصف النهار إلى غاية العصر، وأشار محدثنا انه قبل لجوء أي مريض لهذا العمل عليه أن يستشير طبيبه، فهذا النوع من التداوي ممنوع على مرضى الضغط الدموي، السكري، الربو..حيث يتم إدخال كامل جسد المريض ولا يبقى منه سوى رأسه في الخارج، يتم تغطيته بمظلات أو خيمات صغيرة تجنبا لأشعة الشمس اللافحة حيث يلاحظ فور خروجه نزول كميات كبيرة من العرق مبللة الرمال يكون لونه مائلا للأسود، وبمجرد إخراج المريض من الحفرة يتم إحاطة كافة جسده بغطاء، ويدخل إلى الخيمة لإخراج بقية العرق من جسمه ثم يمنح له حساء، مكون من مختلف أعشاب المنطقة ثم بعدها يمنح له الشاي ليرتاح بعد ذلك في المكان أو البيت الذي قام بكرائه مسبقا على أن يتم ردم الحفرة المستغلة ضمانا للتخلص من السموم المطروحة، مذكرا أن الحصص تمتد إلى 3 مرات، قد تستمر لأسبوع أو أسبوعين حسب الحاجة وهناك من يرغب في قضاء شهر كامل.

وأشار محدثنا في هذا الإطار، أن أكثر الوافدين إلى هذا النوع من الطب، هم سكان الهضاب العليا والمناطق الباردة شتاء لاسيما منهم الفلاحين الذين يعانون من آلام بالظهر أو عظامهم أو أرجلهم حيث لا يمكن لهم أن يأتي عليهم فصل الشتاء ولا يزورون المنطقة لإفراغ أجسادهم من الهواء البارد القديم أو من مياه في الركب حيث أصبحت عادة غرس أجسادهم بالرمال بمثابة الإدمان، أما بقية الزوار فهم من الشمال من كبار السن أو المغتربين، أغلبهم يعانون من الحساسية والربو.

النقل وتكوين العنصر البشري لإنجاح السياحة الصحراوية

إلى ذلك، يقول ممثل جمعية ATLED، أن منطقة الجنوب التي تبعد عن الشمال بآلاف الكيلومترات، تتطلب توفير وسائل نقل مع ضرورة إعادة النظر في تكاليف تذاكر الرحلات الجوية التي تعتبر أكبر عائق يحد من عدد الزوار نظرا لغلائها كما طرح المشكل ذاته والذي يخص الفنادق التي لا يزال تسييرها تابع لفنادق العاصمة حيث يستحيل للعائلات ضعيفة الدخل أو حتى أكثرها دخلا المبيت بها والميسورة منها، ولتطوير السياحية الصحراوية، تطرق محدثنا كذلك، إلى ضرورة تكوين العنصر البشري العاملين بالفنادق والمرشدين وإيجاد حلول للبيئة التي تعرف تدهورا بسبب غياب التنظيم والحس الحضري لدى الزوار.

0 تعليقات